يومٌ واحدٌ مع الأُسرة ، نمتنع في هذا اليوم عن إستخدام وسائل التواصل الإجتماعي ، و نمتنع عن متابعة ما يُسمى بالمشاهير ، … إلخ ، فهل نستطيع فِعل ذلك ؟ ، يقول أحد الأصدقاء : كنت ذات مساء جالساً لوحدي في صالة المنزل ، تارةً أُشاهد التلفزيون و تارةً أُخرى أنظر إلى الجُدران و إلى أبواب الغرف المُغلقة لعلَّ أن يخرج منها بعض الأحياء يؤنسون وحدتي ، و فجأةً تُفتحُ الأبواب المُغلقة و يخرج من كان في الغرف مشدوهين مذعورين ، فظننت أن أمراً هاماً قد حدث ، و لكن تبين لي من نظراتهم الموجهة إلى جهاز الإنترنت القابع في الصالة أن ذلك الخروج الجماعي المُفاجئ كان بسبب إنقطاع الإتصال عن أولئك الأحياء الأموات … يا الله أحسست للحظاتٍ بشيءٍ من الأُنس رُغمَّ الصُراخ و عبارات التذمر جرّاء هذا الحدث العظيم ؟ ، و حينها تمنيت أن يستمر هذا الإنقطاع بقية الليلة ليطول هذا الإجتماع العائلي الإجباري .
نعم ، أصبحت منازلُنا صامتة جامدة من الأرواح البشرية و صرنا لا نسمع إلَّا الأصوات الإفتراضية الصادرة من زوايا المنزل و من خلف الأبواب المُغلقة ، أصبحت الأُسرة في المنزل الواحد كالجُزر المنفصلة المنزوية لوحدها ، تأكل طعامها لوحدها ، سعادتها و أُنسها مع أجهزتها و عالمها الإفتراضي ، صحيح أنهم أُسرةٌ واحدة و يعيشون تحت سقفٍ واحد و لكنهم في مُعظم وقتهم غرباء عن بعضهم البعض .
و أصبحت أيضاً مجالسنا و إجتماعتنا أجساداً بِلا أرواح تنظر بإستمرار في أجهزتها المحمولة و تتسامر معها دون إكتراثٍ بمن حولها من البشرية ، يدخل الشخص إلى المجلس و ما أن يستوي على مقعده إلَّا و يُخرِجُ جهازه المحمول لينظر فيه بِنظراتٍ ثاقبة حادة و كأنه سيُتابع و يُدير أسهُمَهُ في البورصات العالمية أو يُتابع سير بواخره في البحار و الموانئ العالمية …. مهلاً أخي الكريم ، أعط المجلس الذي أنت فيه إحترامه و جارك في المقعد حقه .
ختاماً ، أقترح أن يكون هُناك يوم في الأسبوع يمتنع فيه جميع أفراد الأُسرة الواحدة عن إستخدام وسائل التواصل الإجتماعي على الأقل في المنزل ، نُعيد في هذا اليوم الأُسرة إلى وضعها الطبيعي المتماسك المتآلف قبل مجيء هذه الآفة التي أجهزت على كُلِّ قديمٍ جميل ، نجتمع سوياً على وجبات الطعام ، نُناقش شؤون حياتنا ، نتسامر مع بعضنا في عالمٍ حقيقيٍ بعيداً عن العالم الإفتراضي المضطرب .
وفقني الله و إياكم لما فيه الخير و السداد
التعليقات 1
مسفر بن سعيد
الجمعة _11 _أكتوبر _2019AH 11-10-2019AD في 9:04 م[3] رابط التعليق
يالله !
أصبح الوضع الطبيعي أمنية، ولو يومٌ واحد في الأسبوع!
(الحال من بعضه) يادكتور.
لا عدمنا قلمك السيال يلامس واقعنا السعيد حيناً، وأوجاعنا المؤلمة أحياناً.