تعدُ تربية الأبناء من المهمّات الصعبة التي تتطلب بذل مجهود كبير من الأم والأب على حدٍ سواء لتحقيق تربية سليمة تتجاوز بالأبناء الفشل والتعثر أثناء مراحلهم العمرية وجعلهم يتمتعون بشخصيّةٍ منضبطة دينياً وسلوكياً وأخلاقياً وتعليمياً وذلك من خلال تشربهم العديدِ من القيم والأخلاقيات السّلوكية الحسنة التي تصبح فيما بعد عوناً لهم في قادم حياتهم ومن ثم تتوارثها الأجيال المتعاقبة من الأبناء للأحفاد ومنهم للمجتمع الكبير فالأسرة هي نواة المجتمع إذا صلحت صلح ذلك المجتمع وإذا فسدت فسد فلأختلالات السلوكية والتربوية تبدأ عادة من الأسرة فحين يتحصن أفرادها بمخزونٍ من القيم الدينية والتربوية والأخلاقية التي تشربها الفرد من الأب والأم منذ طفولته وحتى شبابه وأصبحت مسلمات راسخة في قناعاته فإنه حين يخرج للمجتمع فسيكون مؤثراً فيه إيجابياً وليس متأثراً به سلبياً ومن هذا المنطلق ولكي يتحقق الهدف التربوي المنشود لا بد من مواءمة بين الشدة واللين والجد والهزل والقسوة أحياناً دون مبالغة أو إسراف فيها لجعلهم يسيرون في نسقٍ مُتَّسِقٍ يؤدي في النهاية إلى ذلك المجتمع المثالي الفاضل برقي أخلاقه وسمو قيمه ومن أسباب تفوق الأبناء جعلهم يشعرون بالفخر والأعتزاز بالإنجازات التي يحققونها وهذا يتطلب أن يكون الأب والأم على مسافة قريبة منهم يمنحونهم من خبراتهم لتقوية عزائمهم وشحذ هممهم ولهذا يحتاج الأبناء دوماً إلى الاهتمام والمتابعة والتوجيه ومنحهم الحب الذي يبني ولا يهدم ويقوّم ولا يكسر ولا يحدث أي خلل في بنيان التربية وهنا يأتي دور الأب الذي يخلق هذا التوازن لا سيما وأن الأم تبالغ أحياناً في العاطفة إلى درجة الإسراف بطبع أمومتها وهذا لا يعني تجنّب الآباء أو الأمهات لإظهار مشاعرِهم ومحبتهم لأبنائهم وخاصّةً في صغرهم بل أن التعبير عن مشاعر الأبوة وحنان الأمومة لهم بالقول والفعل دون مبالغة أو إسراف ضرورة ملحّة حتى لا ينشأ لدى الأبناء أي نقصٌ عاطفي يؤثر بالتالي على مستقبل حياتهم، ولهذا فإنه من المهمِ إيجاد هذا التوازن التربوي إلى جانب تنميةِ مواهب الأبناء قدر الإمكان وتعويدهم وتدريبهم على فنون الحوار وتقبل النقد الهادف الذي يقوّم التصرفات ويهذّب السلوكيات ويجعل هؤلاء الأبناء أكثر قابلية لخلق أجواء أسرية صحية وواعية ومدركة لتصرفاتها دون أمتعاض أو على أقل تقدير دون التعبير بصلافة عن عدم الرضا عن هذا النقد.
جابر العلي
المقالات > تربية الأبناء بين حزم الأب وعاطفة الأم!
جابر العلي

تربية الأبناء بين حزم الأب وعاطفة الأم!
شارك المحتوى


وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://balasmer.com/articles/316731.html