رشة العطر التي لا تستهلك مليلتر واحد تباع بدولار وأحيانًا باثنين دولار وأحيانًا بثلاثة، ولو افترضنا أن رشة العطر تستهلك مليلتر واحد فكل رشة لها قيمة مالية، وأي قنينة عطر تحتوي على ما لا يقل عن 25 مليلتر من الدولارات، وتتفاوت قيمة الّرشة بتفاوت اعتبارات كثيرة، منها الثبات (وهو إحدى المصطلحات التسويقية في سوق العطور) وكذلك الماركة ،وتصميم القنينة، وتصميم علبة الغلاف، ولو عدنا إلى موضوعنا وهو رشة العطر لو جدنا أن المليلتر الواحد لا يباع بأقل من دولار، أو بمعنى أصح سنجد أحيانًا أن 25 مليلتر من عطر فرنسي أغلى من قيمة برميل نفط وهو سلعة إستراتيجية عالمية.
لا فرق بين استخدام مصطلح (الثبات) في سوق العطور، واستخدام مصطلح سلعة استراتيجية في سوق النفط، فكلاهما يقال لغرض التسويق، بغض النظر عن طبيعة المنتج والغاية من استخدامه، ولو أننا طبقنا على مهرجان البر في بللسمر هذا الفن التسويقي الذي جعل رشة من هباء منثور في الهواء تتفوق سعريًا على براميل النفط الاستراتيجية في قيمتها المالية، لو جدنا أننا لم نقدم شيء يذكر لتسويق المهرجان، وليس منتوج المزارعين.!
المهرجان منتج بحد ذاته، وتسويقه لا يقل أهمية عن إنتاج البر بأنواعه والحبوب الأخرى التي تعرض فيه، خصوصًا أن بر بللسمر قد لا يشكل 30% من المنتجات المعروضة، وقد يحضر عام ويغيب عام، بسبب غلاء الأيدي العاملة، وشح الأمطار، وعزوف المستثمرين، بإضافة إلى أن تكلفة إنتاجه أحيانًا أعلى من مردوده، مما قد يدفع بعض المزارعين إلى التحول عن زراعته، واستبداله بأنواع أخرى من الخضار أو الفاكهة.
وطالما أن البر بأنواعه وغيره من الحبوب التي تباع في المهرجان تعتمد كليًا على وفرّة الأمطار التي تهطل بكميات مختلفة من عام لآخر، مما يعرض المهرجان إلى مخاطر التوقف لعدم وجود منتوج زراعي كافي لإقامته، ويعرض المزارعين إلى مخاطر ارتفاع التكاليف، فلا بد من النظر إلى تطوير هذا المهرجان وتحويله من سوق أفراد إلى أفراد وهو ما يسمى في الاقتصاد (B to C) أي بزنس تو كستمر ، إلى سوق من شركات إلى شركات وهو ما يسمى (B to B) أي بزنس تو بزنس.
من الطبيعي جدًا أن يبدأ المهرجان بالدخول في الصناعات التحويلية، كالمخابز،والمطاعم الشعبية، والمطاعم الصحية وخصوصًا المتعاقدة مع المستشفيات، أي أن يعرض في المهرجان كمنتج متحول في منتجات أخرى وليس كمنتج خام، فالمهرجان زاخر بأنواع كثيرة من الحبوب. وبحاجة إلى استقطاب شركات لشراء منتجات البر والحبوب بصفة عامة، ولكي يتماشى مع التحول الصحي والتوعوي الكبير الذي يشهده قطاع التغذية مع بداية عام 2019م، وخصوصًا بعد قرار إجبار شركات هذا القطاع على الإفصاح عن كمية السعرات الحرارية والمكونات الغذائية الطبيعية والمعدلة في منتجاتها.
وبما أننا مازلنا نتحدث عن الصناعة التحويلية، أقول أيضًا، من المهم جدًا التركيز في المهرجان على زراعة وعرض أصناف الصادر ( الأنواع المرغوبة عالميًا) ولو تم جلبها من أفريقيا أو شرق آسيا، فقد تتنجح تربة بللسمر في إنتاج نوع آخر مميز من أنواع الحبوب.
بعد جعل مهرجان البر الحالي، المهرجان الأول للعناية بالحبوب بمختتلف أنواعها المحلية والمصدرة، يمكن لقاصديه الإهتمام بالسوق العالمي، بالعناية الفائقة بتربة بللسمر وما جاورها، وبتقزيم أشجار الثمار (قطعها عند طول معين) لزيادة الإنتاج،وتقليل الفائض والفاقد والمهدور من هذه الثمار، وتتم إدارة الفائض بتخصيص مستودعات تتخزين لوقت الندرة، بعد تجفيف الثمار وتبريدها وتعليبها وتجهيزها للتصدير.
وطالما أننا نتحدث عن مهرجان للحبوب بمختلف أنواعها المحلية والمصدرة( المرغوبة عالميًا)، نتمنى أن يتوسع ليشمل الفاكهة والخضار أيضًا، فالهدف هو استغلال تربة بللسمر الغنية بالمواد العضوية الاستغلال الأمثل بما يعود على أهلها وعلى الوطن والناتج المحلي الوطني بالخير الكثير.
المصدر: صحيفة بللسمر
التعليقات 1
سعيد بن أحمد الأسمري
السبت _19 _يناير _2019AH 19-1-2019AD في 5:33 م[3] رابط التعليق
نت رائع يا استاذ عبد الله وقد لامست بعضا من اهداف المهرجان وساحتفظ بمقالكم هذا في المفضلة لدينا وساشارككم الراي بالرد على ما تفضلتم من اراء وافكار ايجابية تخدم المهرجان في وقت لاحق حيث لم يتهيأ لي قراءة مقالكم الا في هذا الوقت المتاخر من الليل وغداً عندي سفر عن طريق البر الى ارض مهرجان البر ولا اعرف متى يتهيأ لي التعليق على هذا المقال الجميل ولكن بالمختصر المهرجان هو ليس لبر بلسمر فقط وانما هو لجميع انواع البر بصفة عامة من شمال الكرة الارضية الى جنوبها ومن شرقها الى غربها وبصفة خاصة لبر السروات بمافيها بر بلسمر الذي لا يختلف عنها في شئ واسم المهرجا (مهرجان البر في بلسمر )
ومن اهداف المهرجان :
١- يكون معلماً سياحياً يسهم في جلب السواح الى المنطقة
٢- يكون معلما تجارياً يشتمل على العديد من المنتوجات والمعدات الزراعية
٣- يكون معلما ثقافياواجتماعيا يتضمن كلما يتعلق بالموروثات الزراعية القديمة من طرايق الزراعة وتطورها وعادات المجتمع في التعاون في الحرث والتقصيب و الصرام ( الحصد)والدوس والذرّاء وغير ذلك
٤- مكاناً لتشجيع الاسر المنتجة في مجالات الصناعات الغذائية والغزل والسنيج وصناعة الحديد والخزف والخصف القديمة التي سيكون لها جناح في المهرجان مع احياء ثقافة التطوع بين افراد المجتمع والحث عليها
٥- يشتمل المهرجان على محاضرات ثقافية وندوات وحوارات لتطوير الزراعة في المنطقة وتطوير ابعاد واهداف المهرجان المتعددة
٦- نسعى ان يكن هذا المهرجان سوقاً دوليا في المستقبل لمحاصيل البر المختلفة في جميع انحاء العالم وللشركات العالمية الكبرى والصغرى التي تريد ان تسوق لمنتجاتها من صناعة المعدات الزراعية المختلفة
اي اننا نخطط با ن يكن هذا المهرجان معرضاً دوليا ضخماً كغيره من المعارض الدولية في العالم وليس مجرد مهرجان – مع بقاء المهرجان في نفس الوقت من ضمن فعاليات المعرض الدولي –
اعذروني ما قدرت ارتب افكاري غلبني النوم وغدا وراي سفر الى الديرة
تحياتي والسلام عليكم