الاختلاف في الراى لا يفسد للود قضية . أقول لأخي وحبيبي الأستاذ غازي البريني إن مقولتي التي اجتزأها من سياقها في ردي السابق (معطيات العصر ) لاتعني إني اقر السلبيات المعاشة في مجتمعنا الحالي وخاصة فيئه الشباب .. والتي ذكر شيئا منها في مقالته الأخيرة .وإنما كنت أهدف إلى إن هذه السلوكيات نابعة من معطيات العصر وهى ماضية فينا لا محالة لسبب واحد وهو غياب البديل الأجمل .. وهذا ما كنت أنبه إليه في الفترات الماضية .وهانذا الآن أجدد القول إن الإحكام القاتلة التي أصدرناها بحق موروثاتنا الشعبية خلقت فراغا واسعا مكن الفنون الغربية الغريبة من النفوذ إلى أبنائنا .
فالطرب هو من طبيعة كل كائن حي ولا يمكننا أن نجعل الناس جمادات بدون حراك ولا يمكننا أيضا الحؤؤل دون تأثير فنون المجتمعات الأخرى من النفوذ إلى شبابنا ولكنه يمكننا التخفيف من حدتها وتأثيرها بإحياء تراثنا المكتنز بالفنون ذات القيم الجميلة المستمدة من مجمل عاداتنا وتقاليدنا الأصيلة .
ولذلك فانه يمكن القول إن تحريم ممارسة موروثاتنا وفنوننا الشعبية التي كانت تمارس على مرأى ومسمع من الجميع جعلت الشباب يتحول إلى البديل السيئ في محيط مستتر .وهذا ما كنا نحذر منه. ولا زلت اردد وأقول إننا إذا لم نتنبه لمخاطر منع وتحريم فنوننا فإننا مقدمون على رؤية ما هو أسوأ وسنرى ممارسات أكثر سوء وبشاعة مما نرى ونسمع ألان قد يكون اقلها الاختلاط الذي هو معدوم في فنوننا الشعبية ومن ثم فان علينا تحمل أثم و وزر ما سيحدث .
لا يمكننا الحد من خطورة هذه السلبيات التي نراها والتي أشار إليها أخي الفاضل الأستاذ غازي إلا بإحياء موروثاتنا الشعبية وإعادة النظر في كثير من مسلماتنا .وإحياء دور المسرح وقاعات السينما هذا الفن الذي أشبهه بكاس الماء الذي إن وضعت فيه حلالا صار حلالا وما فيه حلالا .. وان وضعت فيه حراما صار كاس حراما ونافيه حراما
الشكوى من العلل دليل حيوية الجسد وإنا أعاني مثلما يعاني الأخ غازي وغيرنا .ولكن الشكوى من المعانة لا تكفي ..والاستنكار والتحريم والوعظ والإرشاد لا يكفي ولا بد من إعادة دراسة أسلوبنا .ومشاركة أبناءنا أفراحهم التي حرمنا منها وبالتالي نفور أبنائنا منا وانفرادهم عنا .
كنا في السابق نمارس ألعابنا سواء وكنا نتسامر ونضحك ونلهو ونتسلى سواء والكبير يصحح الصغير والصغير يستفيد من الكبير إما ألان فقد ذهب الكبار إلى الصوامع وذهب الشباب إلى الشوارع .. وحينئذ لا ينفع جلد الذات .. والله يستر من القادم