يظهر تقرير اعدته إدارة الإحصاء بقطاع المعلومات بالأمانة العامة لمجلس التعاون تنامي وترسخ السوق الخليجية المشتركة ، من حيث تزايد أعداد المستفيدين من قراراتها ، مما ينعكس بشكل مباشر على واقع التكامل الجديد في مجلس التعاون ، والذي تمثل السوق الخليجية المشتركة احد أهم مظاهره ، وربما اكثرها ارتباطاً بالمواطن ، حيث أن فكرة السوق تتمحور حول تكريس المواطنة الاقتصادية الخليجية ، وتقوم على مبدأ أساس هو تمتع مواطني دول المجلس الطبيعيين والاعتباريين بالمعاملة الوطنية في أي دولة عضو ، بحيث تمنح لهم جميع المزايا التي تمنح للمواطنين في جميع المجالات الاقتصادية.
في مجال السماح بتملك مواطنـي دول المجلس للعقار في الدول الأعضاء الأخرى ، الذي هو احد المسارات العشرة للسوق الخليجية المشتركة التي حددتها الاتفاقية الاقتصادية لعام 2001 ، فإن البيانات الإحصائية تظهر أن تملك مواطني دول المجلس للعقار في الدول الأعضاء الأخرى قد ارتفع خلال عام 2010م ليبلغ 10657 حالة تملك ، وبنسبة زيادة قدرها 12.7% مقارنة بالعام 2009 ، الذي سجلت فيه 9457 حالة تملك . كما تظهر البيانات ارتفاع الإجمالي التراكمي لحالات شراء العقار ليبلغ 77804 في نهاية عام 2010 ، مقارنة بـ 67416 حالة تملك في نهاية عام 2009.
وحلّت الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الأولى في إستقطاب مواطني دول المجلس للتملك فيها في العام 2010 ، وبعدد 4604 حالة تملك لتحقق نسبة قدرها 43% من إجمالي عدد المتملكين للعقار ، وجاءت سلطنة عمان في المرتبة الثانية ، حيث بلغ عدد حالات تملك العقار فيها 4370 حالة تملك وبنسبة قدرها 41%. وحلّت المملكة العربية السـعودية في المرتبة الثالثة بـ 819 حالة تملك ، وبنسبة قدرها 8% ، واحتلت مملكة البحرين ودولة الكويت ودولة قطر المراتب الرابعة والخامسة والسادسة.
وتبين الإحصائيات تصدر مواطنو دولة الكويت لأعداد المتملكين للعقار من مواطني دول المجلس ، حيث بلغ عددهم 4158 مواطناً متملكاً للعقار في الدول الأعضاء الأخرى ، وتلى ذلك مواطنو الإمارات العربية المتحدة بعدد 2474 مواطن ، ثم مواطنو مملكة البحرين في المرتبة الثالثـة بعدد 1846 مواطن ، واحتل مواطنو المملكة العربية السعودية ودولة قطر وسلطنة عُمان المراتب الرابعة والخامسة والسادسة بعدد 1204 و544 و431 مواطن ، على التوالي.
اما في مجال مساواة المواطنين العاملين في القطاعين الحكومي والأهلي بالدول الاعضاء الأخرى ، فتظهر الاحصائيات أن ما يزيد على 37 ألف مواطن من دول مجلس التعاون يعملون في الدول الأعضاء الأخرى . وتبين الإحصائيات زيادة مضطردة في أعداد مواطني دول التعاون العاملين في القطاع الأهلي بالدول الأعضاء الأخرى ، حيث ارتفع العدد من حوالي 6279 موظفاً في العام 1995 إلي حوالـي 10782 موظفاً في العام 2000 ، ثم إلى 14328 موظفاً في العام 2005 ليصل العدد إلى 21351 موظف في العام 2010.
كما تظهر الإحصائيات تزايداً في أعداد مواطني دول المجلس العاملين في القطاع الحكومي بالدول الأعضاء الأخرى من 9070 موظفاً في العام 2004 إلى 12200 في العام 2007 ، ليصل إلى 15846 موظفاً في العام 2010 . وتمثل دولة الكويت الجهة الأكثر استقطاباً لمواطني دول المجلس للعمل فيها ، حيث بلغ عددهم 19 ألف موظفاً في القطاع الأهلي ، وحوالي 11 ألف موظفاً في القطاع الحكومي.
وتجدر الاشارة إلى أن المجلس الأعلى قد قرر في ديسمبر 2004 أن تلتزم كل دولة بمد مظلة الحماية التأمينية لمواطنيها العاملين في دول المجلس الأخرى ، في القطاعين العام والخاص ، بحيث يكون التطبيق اختياراً لمدة سنة واحدة تبدأ من يناير 2005 ، وإلزامياً من أول يناير 2006 . ولقد يسر هذا القرار انتقال المواطنين للعمل في الدول الاعضاء الأخرى.
في مجال تنقل وإقامة المواطنين ، فلقد أصبح المواطنون يتنقلون بيسـر وبإستخدام البطاقة الذكية ، وبلغ عدد من تنقلوا فيما بين الدول الأعضاء 16 مليون مواطن في العام 2010 ، وهي حركة تغذيها قرارات السوق الخليجية المشتركة والاتحاد الجمركي . ولقد استقبلت المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين حوالي 6 مليون مواطن من دول المجلس ، لكل منهما.
أما فيما يخص المساواة في التعليم ، الذي هو الآخر أحد مسارات السوق المشتركة ، فلقد وافق المجلس الأعلى في نوفمبر 1985 على معاملة الطلبة في المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية معاملة الطلبة أبناء دول المجلس في الدولة التي يدرسون فيها ، كما وافق على معاملة الشهادات الدراسية الصادرة من دول المجلس معاملة الدولة التي تتم فيها المعاملة . وهذا أحد القرارات المهمة التي يسرت إقامة وانتقال مواطني دول المجلس . وتظهر الاحصائيات أن عدد الطلاب المسجلين في المدارس الحكومية بالدول الأعضاء الأخرى قد بلغ حوالي 38000 طالب وطالبة ، منهم 16600 في المرحلة الابتدائية ، و 13000 في المرحلة المتوسطة ، و 8400 في المرحلة الثانوية.
وفيما يتصل بالمسار الخاص بمزاولة الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية ، حيث تم السماح في ديسمبر 2000 بممارسة جميع الأنشطة الاقتصادية والمهن باستثناء 17 نشاطاً ، تم تقليصها تدريجياً حتى أصبحت محصورة في أربع أنشطة هي خدمات الحج والعمرة ، ومكاتب استقدام العمالة الأجنبية ، وإنشاء الصحف والمجلات ودور الطباعة والنشرة ، والوكالات التجارية ، فالملاحظ أن الاعوام الماضية شهدت تصاعداً ملحوظاً في اعداد المستفيدين من هذه القرارات حيث بلغ العدد التراكمي للرخص الممنوحة لمواطني دول المجلس لممارسة مختلف الأنشطة الاقتصادية أكثر من 32 ألف رخصة حتى عام 2010 . وتمثل الامارات العربية المتحدة الدولة الأكثر منحاً لتراخيص مزاولة الأنشطة الاقتصادية في العام 2010 ، وبمجموع تجاوز 26 ألف رخصة.
وفي مجال تداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات المساهمة ، فلقد بلغ عدد الشركات المساهمة المسموح تداول أسهمها لمواطني دول المجلس 652 شركة مساهمة في 2010 ، وبرأسمال يصل إلى حوالي 213 مليار دولار . أما عدد المساهمين من مواطني دول المجلس في هذه الشركات فلقد بلغ حوالي 527 ألف مساهم في العام 2010.
وتظهر البيانات الاحصائية ارتفاع نسبة الشركات المسموح تداول اسهمها لممواطني دول المجلس من اجمالي الشركات المساهمة من 20% في العام 1985 إلى 96% في العام 2010 . وحلت دولة الكويت في المرتبة الأولى في عدد الشركات المساهمة المسموح تداول اسهمها لمواطني الدول الاعضاء الاخرى بـ 210 شركة ، تليها المملكة العربية السعودية بـ 146 شركة ، ثم سلطنة عمان بـ 126 شركة.
انعكس قيام الاتحاد الجمركي في يناير 2003 ، والسـوق الخليجية المشتركة ، في يناير 2008 ، إيجاباً على حجم التجارة البينية لدول المجلس ، والذي قفز من 15 مليار في العام 2002 ، أي العام السابق لقيام الاتحاد الجمركي إلى حوالي 20 مليار في العام 2003 . كما عزز قيام السوق الخليجية المشتركة من حجم التجارة البينية ، التي تواصل ارتفاع قيمة حجمها ليصل إلى ما يربو على 65 مليار دولار في العام 2010 ، وهي زيادة كبيرة اذا ما أخذ بعين الحسبان انها كانت حوالي 6 مليار دولار في العام 1984 ، وظل ارتفاعها تدريجياً وبطيئاً إلى العام 2003 ، حيث شهدت منذ ذلك الحين قفزات متلاحقة ، ومن المتوقع أن تسجل خلال العام الحالي 2011 ، زيادة كبيرة أخرى.
إن السوق الخليجية المشتركة آخذة في التمدد واحتلال موقعها ضمن الاقتصاديات الكبيرة في العالم ، بإرتكازها على قاعدة سكانية بحجم خمسة وأربعين مليون نسمة ، وناتج قومي تجاوز الترليون دولار في العام 2010 ، وتجارة خارجية اقتربت من 900 مليار دولار في العام ذاته.